بشارة مرهج
11-8-2025
الحكومات الذكية تستبق الأمور وتتخذ اجراءات وقائية لكل احتمال ، خاصة الأحتمال الذي يمكن أن يتحول إلى حقيقة جارحة نتيجة سياسات وقرارات تتخذ فعلياً على أرض الميدان . حكومة نتنياهو التي تتمتع بتجويع الأطفال وقصف المستشفيات واغتيال العائلات وتدمير المدارس وقنص الصحافيين تعلن على الملأ عزمها على تدمير غزة بالكامل وتهجير أهلها بالكامل وإنشاء المستوطنات على أرضها والاستيلاء على كل ما تملكه من مياه ونفط وغاز ومعادن مختلفة . فهل فكرت الحكومة اللبنانية ، المنشغلة بمصادرة سلاح المقاومة، بالخطة الاسرائيلية وما يمكن أن ينتج عنها من مضاعفات على صعيد الدول المحيطة بفلسطين المحتلة ومنها لبنان ، فماذا لو طردت " اسرائيل " الفلسطينيين من أرضهم في غزة ( ومناطق في الضفة) كما فعلت يوم النكبة حيث دفعت بقوة السلاح نحو سبعماية وخمسون الف فلسطيني خارج بلدهم وبلد أبائهم واجدادهم !
ماذا لو تمكنت " اسرائيل " في ظل المشاركة الاميركية والتواطؤات الدولية والعربية من طرد مليوني فلسطيني من أرضهم ودفعت بقسم كبير منهم نحو الحدود اللبنانية؟ ماذا ستفعل الحكومة اللبنانية اذا أجبر ربع مليون فلسطيني على عبور الحدود اللبنانية بقوة السلاح ؟ هل ستستغيث باللجنة الخماسية الهاربة من واجباتها ، هل ستطلب المساعدة من جامعة الدول العربية العاجزة عن المعارضة السياسية للعمليات الدموية الاسرائيلية ، هل ستناشد الأمم المتحدة المحكومة بالفيتو الاميركي الجاهز لخدمة دولة الابارتيد، هل ستلجأ الى الاتحاد الاوروبي صاحب الكلام المعسول والمزود الرئيسي بعد واشنطن للسلاح الموجه الى رؤوس الأطفال وبطون الحبالى من أهالي غزة ؟!
كيف ستتصرف الحكومة اللبنانية إزاء خطر محتمل من هذا النوع أو إزاء مخاطر مشابهة تلوح في الأفق.
ألا تحتل مسألة وقف الأعمال العدائية المستمرة ضد لبنان أولوية لدى حكومة جاهرت منذ توليها للسلطة بعزمها على تحقيق ذلك ! ثم أين اصبحت قضية الاراضي اللبنانية التي تجاهر تل أبيب بأحتلالها، وأين أصبحت قضية الاسرى الذين يسومهم ايتمار بن كفير صنوف العذاب؟ وأين البحث في ضمانات اميركية ودولية حتى لا تكرر تل ابيب جرائمها كالمعتاد بعد كل اتفاق كما حدث عام 1948 وصولا الى القرار الدولي رقم 425 والقرار الدولي رقم 1701 مروراً بمجزرة قانا التي ارتكبت رغم تحذير اليونيفيل، ومجزرة صبرا وشاتيلا التي قادها شارون رغم تعهد رونالد ريغان ، الرئيس الاميركي، بمنع اقتحام المخيمات الفلسطينية صيف 1982؟!
لقد وافقت كل الاطراف المشاركة في الحكومة على وثيقة الطائف وخطاب القسم والقرار الدولي الرقم 1701 بما يخدم لبنان وسيادته -واستقلاله. ف علام ،اذن، تنقلب الحكومة على قراراتها وخططها بدلاً من أن تتمسك بكل ما تعهدت به وأعلنته مراراً على لسان رئيسها للرأي العام ؟!